الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين أولوية مطلقة لدى الدول، لا يجوز التقصير تجاهها تحت أي ذريعة، وهذا ما تقوم به الدولة المصرية عبر وضع صحة المواطن على رأس أولوياتها خلال التعامل مع أزمة انتشار فيروس كورونا، ولكن يوجد شق اقتصادي على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة هو الآخر، لأنه إذا أصابه عطل أو خلل فبالتأكيد سيتوقف معه كافة أشكال الحياة.
الدول بشكل عام يصعب عليها أن تتحمل لفترات طويلة إغلاق منافذ حركة الحياة وقدرتها على الإنتاج وتلبية احتياجات مواطنيها المتعددة، فتعطيل حركة الاقتصاد لفترات مفتوحة لا يعد أمرا ممكنا وكذلك الاستخفاف بحياة المواطنين على أي نحو لا يعد أمرا مقبولا، لذلك نقول إن الدولة المصرية تمتلك رؤية سديدة وموفقة من خلال استمرار عجلة الإنتاج بالتوازي مع تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تضمن الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين.
جولة الرئيس السيسي اليوم التي تفقد خلالها عددا من المشروعات التنموية والخدمية كانت خير دليل على عزم الدولة للسير في طريقين معا وبشكل متوازٍ وهما الصحة والإنتاج، وتفقد الرئيس السيسي منطقة محور الحضارات بمشروع التطوير الشامل لمنطقة بحيرة عين الصيرة التاريخية ومحيط متحف الحضارة بمصر القديمة وشبكة الكباري التي تم إنشاؤها لربط تلك المنطقة بالمحاور والطرق الرئيسية للعاصمة لتسهيل حركة المرور وكذا مشروعات تطوير محاور شرق القاهرة بكل من مدينة نصر ومصر الجديدة والرحاب.
الجولة سبقتها جولة تفقدية أخرى لرئيس الوزراء اليوم، تفقد خلالها المشروعات الخدمية والتنموية بمحافظة القليوبية، مدبولي تفقد عددا من المشروعات الجاري تنفيذها مثل الأعمال الإنشائية لمحطة مياه المنشأة الكبرى بكفر شكر، ومصنع لتصنيع المستلزمات الطبية، وأعمال التطوير بمستشفى كفر شكر المركزي، وعددا من مشروعات الطرق والكباري بالمحافظة، والمركز القومي لبحوث المياه بمدينة القناطر الخيرية.
جولات الرئيس السيسي ورئيس الوزراء كان الهدف الرئيسي منهما، متابعة سير العمل في مختلف المشروعات التي يتم تنفيذها والاطمئنان على تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية لضمان الحفاظ على صحة وسلامة العمال وكذلك انتظام أعمال التطهير والتعقيم في مختلف مواقع العمل، ولكن تلك الجولات في ذلك التوقيت تعطينا دلالات أكثر عن توجه الدولة خلال مواجهة فيروس كورونا، لأنه من الملاحظ أن مواقع العمل في المشروعات المختلفة تعمل في ظل أزمة فيروس كورونا وخلال أيام رمضان المبارك وبالتحديد يوم السبت الذي يعد إجازة عادية في أيام العمل المصري، وهذا يؤكد لنا أن الدولة المصرية مستمرة في دفع عجلة الإنتاج بالتوازي مع الحفاظ على صحة المواطن.
اقتصادات دول العالم الثالث، الذي ننتسب إليه، بالتأكيد قد لا تستطيع تحمل توقف عجلة الاقتصاد لأسابيع أو أيام أخرى، فالإفلاس قد يصبح المصير المحتم الذي ستواجهه تلك الدول، لذلك نقول أن الدول التي سيكتب لها الانتصار في معركة الكورونا، بالتزامن مع إدارة تداعياتها الاقتصادية بنجاح، هي من سيتسنى لها أن تكون الفاعل الأبرز في النظام الدولي المقبل لأن العالم بعد كورونا سيكون مختلفا عن العالم قبلها.